Wednesday, June 19, 2013

الشخصية المصرية.. بين كتابات الرحالة والموروث الشعبي

عدد مرات المشاهدة :10408 - 05/ 12/ 2008

د. عمرو عبد العزيز منير

الشخصية المصرية.. بين كتابات الرحالة والموروث الشعبي

 
 
ظلت الشخصية المصرية عرضة للأخذ والرد وتضارب الآراء في كتابات الرحالة والمؤرخين ووجدت العديد من التحليلات لها بدءاً من هيرودوت واسترابون وامتداداً عبر العصور إلي ابن زولاق والكندي والسيوطي وابن جبير، العبدري، وابن خلدون، والمقريزي وغيرهم العديد من الذين أكدوا علي أن للمصريين شخصيتهم المتفردة وسماتهم المادية والثقافية المميزة التي تفردهم عن غيرهم من الشعوب وكانت نظرة التأرجح عند المؤرخين دافعاً لأن جاءت النصوص التاريخية محملة بسمة (النزوع الأسطوري والخرافي) في سياق حديثهم عن السمات والخصائص المميزة للمصريين.
وقد نهض (المحتسب التنسيي) على تلك النزعة في سياق وصفه لأخلاق أهل مصر في مدينة تنيس – المندثرة سنة 624هـ- بقوله:" وطالع تأسيس هذه المدينة برج الحوت وصاحبه المشتري، السعد الأعظم، وصاحب الشرق الزهرة؛ لذلك كثر طرب نفوس أهلها، وفرحهم، ورغبتهم في مداومات اللذات واستماع الأغاني ومواصلة المسرات"  
وانساق الرحالة والمؤرخون لهذا النزوع الخرافي عندما ربطوا بين طالع السعد وأخلاق أهل القاهرة بقولهم:" ووضع البناءون الأساس في لمح البصر, فبُهِتَ المنجمون وصاحوا قائلين "القاهرة" والقاهرة اصطلاح للمنجمين يطلق على المريخ جلاد الفلك، فلذلك السبب لا تنقطع الدماء والقتال والنزاع والفتن والفساد عن القاهرة المعزية التي سميت بهذا الاسم لوضع أساسها في طالع المريخ"
ولعبت الأساطير والحكايات الشعبية دوراً في وصف علاقة المرأة بالرجل في مصر  فيقول المقريزي في سياق وصفه لأسماك النيل أن به سمك يسمي الرعَّاد قيل عنه :" إذا علقت المرأة شيئاً من الرعَّاد عليها لم يطق زوجها البعد عنها"   . كما لجأت بعض النساء إلى التحكم فيهم حتى أننا نسمع عن بعض السلاطين والحكام ـ كالسلطان إينال ـ أنهم استسلموا لزوجاتهم حتى أصبحت الواحدة منهن على جانب كبير :"من نفوذ الكلمة ووفور الحرمة في الدولة وطواعية السلطان لأوامرها " وفي هذه الحالة يصبح السلطان أو الأمير :"لا اختيار له معها " .
وعلى الرغم من سمو مكانة المرأة المصرية , ونيّلها من حقوقها في مختلف عصورها ما لم تنله امرأة في مجتمع آخر , وعلى الرغم من نشاط المرأة المصرية في مجال السياسة   والآداب فإن أغلب الكتابات الأدبية لم تصور لنا إلا جانباً واحداً هو وصف جمالها وما يرتبط به من زينه وفتنة وبواعث الحب أو الجنس ومظاهر إعجاب الرجال بها والتي لعبت فيها الأسطورة والخرافة دورها الفاعل. حيث كانت زينتها أحياناً وشماً تدقه على خدها  . فترسم بالمسك صورة عقرب أو ثعبان إثارة أو إغراء أو معتقد في جذب الرجال إليها, فالمرأة المصرية هنا قد توحي للرجل وتناديه حينما تحذره من الاقتراب أو تخيفه من العقرب أو الثعبان. ومع ذلك فلا بأس بهذا اللدغ, ولا بأس من الاقتراب.فالشاعر ابن عرام يصف حبيبته بالقسوة , ومع ذلك فإنه يقبلها علي الرغم من أن العقرب يلدغه :       
مَنْ مُعيني على اقتناصِ غزالٍ ** نافرٍ عن حبائلي روَّاغ
قلبهُ قسوةً كجلمودِ صخرٍ** خدُّه رِقةً كزهرِ الباغِ
كلما رمْتُ أن أُقبَّل فاه ** لَدَغَتْني عقاربُ الأصْدَاغِ 
فلقد احتل كل من الثعبان والعقرب ركناً مهماً في قائمة الأشكال الحيوانية والنباتية التي كانت المرأة المصرية تقوم بوشمها على بدنها بما تحمله تلك الأشكال من رموز ودلالات تعكس بالضرورة بعضاً من رواسب أفكار أقدم.
الموروث الشعبي الذي يربط بين المرأة المصرية وكل من العقرب والحيَّة نجد تصويره عند القاضي الفاضل حيث يعترف بفتنة العقرب , ولكنه اكتشف أن لها رقية تعجزها عن اللدغ وتكف أذاها آلا وهى القبلات:
حدِّثْنا يا فتى وأخبرنا ** وأيما شئت منهما فقلْ
عن حيَّةٍ في الخدود ظالمةً** تمنع من شمَّ وردها الخضلْ
إن لها رقيةً مجربةً ** وإن ألفاظها من القبل
ويصور القاضي الفاضل زينة المرأة المصرية وما بها من وشم للحيَّة على الخد فيقول:            
من حيَّةٍ في الجمْرِ ما احترقَتْ ** والجمرُ فوق الخدِّ ما اشتعَلا
لو أنها تلك التي انقلبتْ ** يوم العصا لم يعصِ من جهلا
لعل ذلك ما دفع بالعديد من الكتابات التاريخية أن تصف المرأة المصرية بال.....اقرأ المزيد


http://www.adabfan.com/studies/2492.html 

No comments: